Rickman's No.1415

القيادة وحدها أخذت وقتًا ، لهذا لم أحتَج مجهودًا في إقناع أبي بتركي أُقيم بمهجع الجامعة. أوقفت السيارة أمام البوابة -سأقوم بوضعها بالمرآب لاحقًا فهو لا يحتاج للسير تلك المسافة- ، و ساعدته في الهبوط في كلا الأحوال من السيارة بعد نوبة السُعال التي أصابته .. هل نال نوبة برد أيضًا؟ لَم أقابل أحدًا بهذا البؤس بحياتي!
ثم تركته ليعتمد على نفسه بالسير و تقدمت من البوابة المعدنيّة للمنزل ، و المُتصلة بسور .. احم .. جدار عملاق يُحيط بالمنزل ، فقط حتى الأشجار العملاقة بالحديقة الخلفيّة ، و كلاهما يمنع أي رؤية لما هو بالداخل على أي حال. أبي معماريّ يُجيد عمله، خاصة حين يتعلق بمنازله الخاصة.
أدخلت الرقم السري ، لتُفتح مُنسحبة إلكترونيًّا ، و انتظرت دخوله بصبر لأُعيد إغلاق البوابة حتى لا تنغلق تلقائيًّا بوجهه !

لم يكُن من الصعب قراءة ملامح وجهه ، لأتنهد بعد دخوله و أُعيد إغلاق البوابة لألتفت و أجده جالسًا على السلالم أمام الباب .. زفرت لأتجه نحوه ، و قمت بفتح الباب و إضاءة الأنوار بالداخل لأقول :
§ هيا ، و تذكرت .. قوانين المكان .. §
نظرت له لأبدأ بالعد على أصابعي لأقول بنبرة جادّة :
§ لا تُفسد أي شيءٍ بالداخل ، لا تُحضر فتيات أو مُخدرات .. أيًا كانت حالتك! -و بلى أعلم أن جميع أثرياء الجامعة تقريبًا يتعاطونها ليس سرًا!-، لا تُحطم شيئًا ، و ستُنظف مكانك على الدوام .. حسنًا ؟ عدا هذا فلتُعد المنزل منزلك .. §
لتظهر ابتسامة على وجهي بينما أُضيف :
§ أو بإمكانكَ قضاء أيامكَ هُنا على السلالم فقط لنتحاشى كُل هذا ، ما رأيك ؟ §

تجاهلت تعليقه بينما أغلق الباب خلفه ، لأستند لهُ بظهري و أعقد ساعداي أمامي بينما استمع لما يقوله .. لا أعلم ما سبب الهدوء الذي حل عليّ فجأة! لكن بداية ، لستُ من النوع الطبيعيّ كذلك ، ثم أظن أن الوقت الذي قضيته معه جعلني أعتاده أو ما شابه ، لذا رمقته استنكارًا و قلت :
§ بلى ، ستُنظف ، لا يوجد خادمة .. هُناك تايرا فقط ، تأتِ أسبوعيًّا للتنظيف و إعداد طعام كافٍ لبضعة أيامٍ على الأغلب و هذا هو كُل شيء .. لكنها بإجازة الآن لسفر أبي و مكوثي بالمهجع ، لذا كُل شيءٍ حاليًا يقع على عاتقني ، يكفي أني سأعُد لكَ طعامًا ! على الأقل ، كما قُلت ، نظف مكانك أيُها المُدلل ! §

ارتفع حاجباي بجهلٍ زائف :
§ لمَ قد أحاول حتى خِداعك بإبتسامة؟ أنا فقط أُريك أنكَ تملك خيارات هُنا على الدوام! كما أني مُدركة نقطة أنكَ رأيت إبتسامات أجمل بمراحل عمومًا ، لذا لن أُحاول حتى .. §

تقدمت للداخل و تابعت :
§ مِن حُسن حظك أن غرفة الضيوف بالأسفل .. §

فتحت باب الغُرفة متمتمة :
§ إذن لستم سوى عائلة فاحشة الثراء لا تجد برأسها أفضل من بعثرة البشر أينما يمكثون .. لطيف! رأيتُ أكثر من هذا قبلاً و من حُسن الحظ لم أعُد لهذا المكان ، إن رأيتهُ أنت ستفقد وعيك .. §
و الذي هو قلعة أسبانيا ..
و الذي هو أيضًا المكان الذي تهت فيه بضعة مراتٍ بأول -و آخر- زيارة لي هُناك، حتى أُصِبت بـ فوبيـا من الأماكن الواسعة! أو .. فاحشة الإتساع على أي حال!
رمقته بضجر و قلت :
§ في حالة عدم قُدرتك على تنظيف فوضاك خلفك ، هذا يعني أنكَ مُدلل .. و كما أرى فالفوضى بحياتك تتعدى تنظيفك لبُقعتك هُنا و .. §
قطع حديثي استرساله في الحديث و طلباته و حمية و ..
لا أعلم تحديدًا ما النظرة التي أعتلت وجهي ، لكن الأفكار التي سيطرت على رأسي لم تكُن لطيفة ، و تتضمن تقطيعه إربًا أثناء نومه .. بلى !
مسحت على وجهي بنفاذ صبر .. ما الذي أوقعت نفسي به !!
تخطيتهُ بخطواتٍ واسعة لأفتح باب دورة المياه المُلحقة .. أنا بإنتظار فقط كلمة واحدة ، كلمة واحدة إضافيّة بشأن تِلك و ستكون أقل آلامه ضِلعه المكسور!!
أتيت له بعُلبة الإسعافات الأوليّة و التي تحتوي ما سوف يُساعده ، لأدفعها نحوه و ضغطت كلماتي قائلة :
§ دورة المياه حيث خرجت توًا! §
و غادرته لأصفع الباب خلفي ، و صعدت لغرفتي لأركل بابها مُغلقة و أرتمي على فراشي لأحدق بالسقف .. ثم أمسكت بإحدى الوسائد لأغطي بها وجهي بقوّة و أبدأ بالصراخ بحدة ..
فقط حين تملّكني شعور أفضل ، أبعدتها لأتنفس بقوّة و أضمها إليّ بصمت ..
أطول. أسبوع. بحياتي.